شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
من أعمال الشرك
قال المؤلف رحمه الله: فصل: من الشرك فعل من يتبرك بشجرة أو حجر أو بقعة أو قبر أو نحوها، يتخذ ذلك المكان عيدًا، وبيان أن الزيارة تنقسم إلى سنية وبدعية وشركية.
هـذا ومـن أعمـال أهل الشرك | مـن غـير مـا تـردد أو شـك |
ما يقصــد الجهال من تعظيم ما | لـم يـأذن اللـه بـأن يعظمــا |
كـمن يلـذ ببقعــة أو حجــر | أو قـبر ميـت أو ببعض الشجـر |
متخــــذا لذلك المكــــان | عيــدا كفعــل عـابدي الأوثان |
ثم الزيـارة علـى أقســــام | ثلاثـة يـا أمـــة الإســلام |
فـإن نوى الزائـر فيمـا أضمره | فـي نفسـه تذكــرة بـالآخـرة |
ثـم الدعـــا لـه وللأمـوات | بـالعفو والصفــح عـن الزلات |
ولـم يكـن شـد الرحـال نحوها | ولـم يقـل هجـر كقـول السفها |
فتلك سـنة أتـت صريحــــة | فـي السـنن المثبتة الصحــيحة |
أو قصـــد الدعـاء والتوسـلا | بهـم إلـى الرحمــن جـل وعلا |
فبدعــة محدثــة ضــلالـة | بعيــدة عن هـدي ذي الرسـالة |
وإن دعا المقبـور نفســـه فقد | أشـرك باللـه العظــيم وحجـد |
لـن يقبـل اللـه تعـالى منــه | صرفـا ولا عـدلا فيعفــو عنه |
إذ كـل ذنـب موشك الغفـــران | إلا اتخـاذ النــــد للرحمــن |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على محمد اسم> وعلى آله وصحبه أجمعين.
وهذا الفصل لخص به من كتاب التوحيد ما يتعلق بالتبرك، التبرك بالأشجار والأحجار، والبقع والقبور والقباب وما أشبهها. ويقصد ذلك المكان يعتقد فيه أنه يؤثر فيمن قصده، وأنه يستفيد منه من سكنه، فيدخل في ذلك التبرك بالتربة كمن يستصحب تربة من تلك البقعة يتمسح بها، ويعتقد أنها تنفعه أو تشفيه أو تدفع عنه سوءا أو ما أشبه ذلك.
وكذلك -أيضًا- إذا تحرى أداء العبادة عندها، كتحري الصلاة في تلك البقعة، واعتقاد أن الصلاة فيها أفضل من الصلاة في المساجد أو ما أشبه ذلك.
التبرك: طلب البركة؛ التي هي كثرة الخير والزيادة.
والحجر: واحد حجارة؛ صغيرًا أو كبيرًا. فيدخل في ذلك التمسح بصخرة كبيرة؛ لاعتقاد أن فيها بركة، أو صخرة صغيرة إذا اعتقد أنها أُخذت من مكان طاهر أو من مكان له ميزة مثل: الذين يتبركون بتلك البقعة التي حول القبر، قبر من يدعون أنه قبر الحسين اسم> أو قبر علي اسم> في العراق اسم> ما يسمى بمشهد الحسين اسم> في كربلاء اسم> أو مشهد علي اسم> في النجف اسم> فيأخذون منه حصوات يسجدون عليها، أو يتمسحون بها، يجلبون بها الخير، ويدفعون بها عن أنفسهم الأضرار، والآفات والآثام وما أشبهها، لا شك أن هذا اعتقاد البركة فيما لا مزية له عن غيره، وكذلك الأشجار مثل: من يتبرك بأية شجرة أو ما أشبهها؛ لاعتقاد أن فيها منفعة، أو أنها تدفع ضرًا، أو تجلب خيرا، يقول:
هـذا ومـن أعمـال أهل الشرك | مـن غـير مـا تـردد أو شـك |
ما يقصــد الجهال من تعظيم ما | لـم يـأذن اللـه بـأن يعظمــا |
كـمن يلـذ ببقعــة أو حجــر | أو قـبر ميـت أو ببعض الشجـر |
متخــــذا لذلك المكــــان | عيــدا كفعــل عـابدي الأوثان |
وقد يسمى ذلك استعاذة، فإن عاذ ولاذ والتجأ واحتمى واحترس وتحصن وتحفظ بمعنى واحد ،أي: يتحفظون بها، ويحترسون بها، ويدعون أنها تحفظهم، وأنها تحصنهم من الشرور، وأنها تحرسهم، أو تنفعهم، أو تدفع عنهم الضر، إذا أقبلوا عليهم، أو ترفع عنهم الشرور التي يخشون منها أو يخافونها، أو ما أشبه ذلك من الاعتقادات الفاسدة.
البقعة: كل قطعة من أرض يدعون أنها موطئ ولي وطئ في ذلك المكان، أو نام فيه، أو جلس فيه؛ فنالته هذه البركة، أو نزلت فيه رحمة وبركة بواسطة دعوته،؛ فيقصدون بقعة من البقاع، ويتبركون بها، ويدعون فيها الخير أنها تنفع أو تشفع أو تدفع أو تأتي ببركة أو ما أشبه ذلك؛ مع أن البقاع جميعها مخلوقة وليس لها مزية إلا ما فضله الله -تعالى- كالمساجد، وكذلك الأماكن المقدسة كالحرمين اسم> أو المساجد الثلاثة اسم> فأما غيرها فلا مزية لهذه البقعة على هذه البقعة، وكذلك الأحجار يعني صخرة أو ما أشبهها، وكذلك القبور أو الأشجار كلها مخلوقة، وكلها مدبرة. ومعلوم أن الشجر يأتي عليه التغير ولا يدفع عن نفسه، فكذلك البقية.
مسألة>